إصدارات

فترة تسلُّم حزب البعث السلطة في العراق مرة أخرى عام 1968 في رواية “ضحايا”

عن دار «سطور» ببغداد، صدرت رواية «ضحايا» للروائي العراقي فاضل خضير، وجاءت في أحد عشر فصلاً عبر 376 صفحة من القطع المتوسط.وتدور أحداث الرواية في فترة تسلُّم حزب البعث السلطة في العراق مرة أخرى عام 1968، من دون أن يستفيدوا من فشل تجربتهم السابقة عام 1963 في استخدام العنف المفرط ضد المعارضين، بل ازدادوا إمعاناً في قمعهم باستخدام وسائل أشد فتكاً، فاستحدثوا سجناً أطلقوا عليه «قصر النهاية»، يعني نهاية مَن يدخل إليه، أو يُصفى سياسياً. ونتيجة الضغط على قوى الشعب اليسارية، حصل انشقاق بينها في كيفية المواجهة للنظام البعثي. الرواية تناولت أيضاً أبعاد التشظي بين الطبقة المثقفة؛ فمنهم مَن دخل في تفاوض مع السلطة ومنهم من التجأ إلى المقاومة الفلسطينية، ومنهم مَن انتهى في زنزانات البعث.

من أجواء الفصل الأول

«قرَّر سعيد أن ينفرد على شاطئ شط العرب. كان الوقت قبل غسق الليل، وكانت نسمات الهواء تداعب الأشياء المحيطة بنفحات من البرد المعتدل، البادئ على التو في التغير من موسم الخريف إلى الشتاء. جلس سعيد على صخرة داكنة، مدد رجليه وباعد ذراعيه، وراح يراقب الموج الطافح المتعاقب وهو يصيخ السمع إلى صوت ارتطامه بالصخور. هذا الأفق شدَّه إلى مراجعة الصور المتعاقبة من يومياته، المتكررة، المثخنة بالملل، التي طرق فيها أبواب الدوائر الرسمية وشبه الرسمية، في سبيل العثور على وظيفة تؤمن رزقه اليومي، وتجعله يشعر بإنسانيته، ولكن دون أن ينال أي فرصة لمواكبة الآخرين في هذا المسعى، ولذلك فكر في الانعتاق والهروب من هذا الإطار المغلف لتلك الدقائق المتشابهة والمتوالية على منوال يكاد يكون عصياً على الاختراق. وأول ما جال في ذهنه، البحث عن تقريع لهذه الصلادة الشائكة، وذلك قبل أن تلف حوله بساط الهمّ، ومن ثم تركته مع مَن تعفنت أحلامهم… فكان من نتائج ذلك، الاهتداء إلى فكرة الرجوع ثانية إلى العاصمة بغداد، والعيش هناك، حيث المساحة أرحب للثقافة، وإلى التنوُّع. هناك تصدر الصحف يومياً، وكذلك المجلات بنوعيها الأسبوعي والشهري… طبع الكتب، تصريف البضائع المستوردة، التعيين المركزي، بالإضافة إلى قوة العم أبو حسام، وهنا فكر: العم يتمتع بالأبهة التي تزين مظهره الخارجي، الانتظام في ترتيب حياته اليومية، وجود سائق دائم يدفع له راتباً شهرياً، ومن ثم جلوسه في المقعد الخلفي لسيارته، مشمراً ذراعيه على امتداد قمرته الواسعة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى